يتجه اليمنيون خلال مؤتمر الحوار الوطني المقرر عقده نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الحالي برعاية وإشراف دوليين، إلى بحث إمكانية تطبيق نظام الحكم الفدرالي في شكل الدولة القادمة كخيار إستراتيجي في إطار الحلول المقترحة لمعالجة الاحتقانات الانفصالية والمذهبية في البلاد.
وقال ناشطون جنوبيون إن سفراء الدول الراعية للمبادرة الخليجية أكدوا خلال لقاءاتهم بعدد من القوى السياسية، ضرورة اعتماد نظام الفدرالية بين إقليمين في ظل وجود أصوات رافضة للوحدة من قبل الجنوبيين ومطالبة بالانفصال.
وبحسب مدير مركز "أبعاد للدراسات" في صنعاء عبد السلام محمد، فإن خيار الفدرالية من إقليمين أبرز الخيارات المطروحة على طاولة الحوار أمام اليمنيين المطالبين "سواء بالوحدة الاندماجية أو الفدرالية أو الكنفدرالية أو الانفصال كحل لأزمة الجنوب الذي يشهد مطالب انفصالية غير مرغوب بها محلياً وإقليميا ودوليا".
وأشار محمد إلى أن غالبية الأطراف السياسية رضخت للمطالب الإقليمية والدولية ولقرارات الأمم المتحدة التي تتبنى دعم الخيار الفدرالي في سبيل الحفاظ على الوحدة اليمنية في الحالة الراهنة، وأن الاتجاه الغالب هو القبول بحل الفدرالية.
فدرالية الشطرين
ويعد نظام الحكم الفدرالي بين شطرين أحدهما جنوبي والآخر شمالي لمدة خمسة أعوام يعقب ذلك استفتاء سكان الجنوب على الانفصال، مطلبا أساسيا لبعض القوى والمكونات الجنوبية في الحراك الجنوبي -غير المطالب بالانفصال المباشر- وخارج إطار الحراك لمشاركتها في مؤتمر الحوار القادم.
ويتزعم هذا التيار الرئيس الجنوبي الأسبق علي ناصر محمد، ويتبنى هذا التوجه الحزب الاشتراكي الذي حكم جنوب اليمن منذ العام 1967 وحتى قيام الوحدة اليمنية عام 1990.
ويدعم رئيس مجلس تنسيق تكتل قوى الثورة الجنوبية عبد القوي رشاد مشروع الفدرالية بين إقليمين (شمال وجنوب) كما نصت عليها مجموعة لقاء القاهرة، ويرى أن هذا الاتجاه هو الأفضل للجنوب من الانفصال المستعجل أو البقاء في الوحدة الاندماجية بوضعها الحالي.
ويرى أنه لا مانع من أن تظل الحكومة المركزية في صنعاء التي بيدها حق إدارة الوزارات السيادية كوزارة الداخلية والدفاع، بينما يحتفظ كلا الإقليمين بحق تكوين حكومة وإدارة شؤونه في شبه استقلال كامل، مع السماح بانتقال حركة رؤوس الأموال الاستثمارية بين الإقليمين.
تأييد
من جهته يؤكد عضو اللجنة المركزية للحزب الناصري محمد العفيف أن حزبه يؤيد ويدعم مشروع الفدرالية لأكثر من إقليم، ويشير إلى أن "هناك في الحزب من الجنوبيين من يرى إمكانية أن تقوم فدرالية ثنائية بإقليمين مؤقتا لفترة زمنية معينة كتنازل من أجل الحفاظ على الوحدة".
وبرأي رئيس المكتب التنفيذي لحزب الإصلاح بمحافظة عدن إنصاف مايو، فإن النظام الفدرالي للدولة اليمنية القادمة "يجب أن يكون متعدد الأقاليم، بحيث تكون عدن إقليما مستقلا بذاته".
وقال مايو "نحن مع ضرورة إعطاء عدن امتيازات الموقع الخصوصية كممر دولي، بأن تكون إقليما سياسيا مستقلا له صلاحياته وحكومته المستقلة وقانونه الخاص، بما يعيد إلى هذه المدينة اعتبارها السياسي والتاريخي وأهميتها الإستراتيجية في المنطقة".
تحذير
وحذر أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء عبد الباقي شمسان من خطورة الأخذ بالفدرالية في ظل ما تعيشه البلد من حالة تأزم واحتقان، دون إعطاء مرحلة زمنية لحل هذه الأزمات وتراكماتها والتهيئة لشكل النظام الجديد.
وقال شمسان "إذا انتهى الحوار القادم باختيار نظام فدرالي من إقليمين، فليس ذلك من مصلحة الشمال أو الجنوب، لكون الكيانين الجديدين ما زالا غير متماسكين، بما يجعلهما قابلين للتفكك والتصدع في أي وقت".
وأشار إلى أن شكل النظام السياسي اليمني "يحتاج إلى سياسيين وباحثين يسمون نظاما جديدا يستجيب للحاجات اليمنية المجتمعية ويضع الآليات والوسائل لشكل النظام بموضوعية وعقلانية".
وأكد شمسان أن إقامة نظام فيدرالي في اليمن محفوف بالمخاطر، وبحاجه إلى أن يكون وفقا لدستور يضع أولا مراحل زمنية للتطبيق بتدرج تكون فيه للمركز نصيب كبير من السلطة، ليحافظ على تماسك الهويات المناطقة والقبلية.