يرى البعض أن أهم ما يميز تفكيرنا عن باقي الكائنات الحية وبالتالي ذكائنا المميز عنها هو : ما يكتسب نتيجة التواصل الاجتماعي الواسع والمنوع والمعقد , والذي يتم نسخه و توارثة بالمحاكاة والتعلم . فهو أدى لنشوء تواصل إيمائي إشاري متطور , وبالتالي مهد لنشوء لغة محكية حدث تطور لها , ومن ثم تشكلت اللغة المكتوبة . بالإضافة لنشوء التقنية وصنع الأدوات وتوارثها نتيجة الحياة الاجتماعية , وهي التي نتجت عن قدرات عمل عقلنا ويدينا والقامة المنتصبة وعوامل أخرى . إن دور التقنية واستعمال الأدوات المتكرر وصنع الأدوات كالرمح والفأس وغيره , وتعليم ذلك للآخرين , ساعدنا بشكل كبير في توسيع قدراتنا وبالتالي خياراتنا في التعامل مع ظروف الحياة . صحيح أن هناك الكثير من الكائنات الحية تستعمل التقنية مثل النحل والعناكب والطيور وغيرها , ولكنها لا تطورها فهي تكتسبها بيولوجياً . وهناك الكثير من الكائنات الحية تستعمل التقنية أو بعض الأشياء كأدوات ولكنها لا تحتفظ بها ولا تعيد صنعها . وكل هذا أحدث قفزة تطور كبيرة لقدرا عمل دماغنا وبالتالي تفكيرنا , عن باقي الكائنات الحية , وخلال زمن قصير نسبياً .
أن قدرات الذكاء الكائن الحي , بشكل عام , هي نتيجة برامج التفكير أو معالجة المدخلات للدماغ الموروثة بيولوجياً , وبرامج التفكير والمعالجة المكتسبة أو التي يتم تعلمها نتيجة الحياة والحياة الاجتماعية .
فالقدرات الموروثة بيولوجياً هي : القدرة على التفكير ومعالجة الأفكار والقدرة على التعلم , و سرعة الحفظ في الذاكرة وكميته , والقدرة على التذكرة أو الاستدعاء من مخازن الذاكرة واستخدام مخزون الذاكرة , والقدرة على المعالجة الفكرية لزمن طويل , والقدرة على معالجة الأفكار الكثيرة , والقدرة على معالجة الأفكار المعقدة , وكل هذا يكون موروث بيولوجياً , وهذه القدرات تكون عادة تابع لوزن الدماغ وعدد الخلايا العصبية وطريقة اتصالاتها وتناميها .
أما قدرات الذكاء التي تكتسب نتيجة الحياة والحياة الاجتماعية فهي : قوة برامج التفكير المكتسبة التي تم تعلمها نتيجة الحياة , وكمية المعلومات أوالمعارف الدقيقة المكتسبة , وهذا يكون عادة تابع لظروف الحياة , وبشكل خاص تأثيرات المجتمع بالنسبة لنا نحن البشر , فهذه التأثيرات هي أساس تميز تفكيرنا عن باقي الكائنات الحية .