شارك نحو مائتين وخمسين ألف شخص في تجمع دعت له المعارضة الكويتية أمام مبنى البرلمان مساء أمس الأحد احتجاجا على تعديل الحكومة للنظام الانتخابي الذي قلص خيارات الناخب إلى صوت واحد بدلا من أربعة أصوات في دائرته الانتخابية.
ورغم التواجد الأمني الكثيف, لم تحدث أي مصادمات بين قوات الأمن والحشد هذه المرة, وذلك بعد إعلان المنظمين عن عدم إقامة أي مسيرة كما حدث في المسيرتين السابقتين.
ويعد هذا التجمع امتدادا واستمرارا لتجمعات ستقام في المستقبل حسب رأى المنظمين، وذلك لإيصال رسالة احتجاج واضحة للخطوة الحكومية التي قامت بها مؤخرا من تعديل جزئي في النظام الانتخابي.
سلاح المقاطعة
وقال رئيس مجلس الأمة المبطل أحمد السعدون إن "مقاطعة 35 نائبا للانتخابات القادمة وعدم خضوعهم لكل الإغراءات التي قدمت لهم يدل على حبهم لهذا البلد".
وذكر أنهم لا يرغبون بإقامة مسيرة، "لكننا سنستمر بحراكنا وبمقاطعتنا لآخر رمق ولآخر يوم من يوم الانتخاب إلى أن نفشّل ونسقط شعبيا المجلس القادم".
وبدوره وجه خالد السلطان نائب رئيس مجلس الأمة المبطل رسالة للأسرة الحاكمة بأن "القضية ليست انقلابا ولا خروجا عن الحاكم كما يصورها البعض, إنما هي قضية حرص وخوف الشعب على البلد".
وأضاف "نحن هنا نرفض الانفراد بالسلطة كي لا يكون مصير (نظام الحكم) مثل أنظمة اليمن ومصر وتونس، ونحن من يحمي ولا ننقلب, وكفى الشعب الكويتي فخرا أن أعاد لكم الحكم بعد دخول صدام حسين عام 1990".
من جهته قال النائب السابق مشاري العصيمي إن الأمير الراحل عبد الله السالم وقف مع الشعب حين تراجع عن مرسوم للدوائر عام 1961 بعد شهر من إصداره.
وأضاف العصيمي أن "المقاطعة عرف شعبي كويتي وليست غريبة أو جديدة علينا, وشعب الكويت دربه طويل ونفسه عميق وهذا صراع أجيال"، ومجرد المشاركة ترشيحا أو انتخابا في الانتخابات المقبلة انتهاك للدستور.
مخطط خارجي
وتساءل النائب السابق مسلم البراك "أين أمن الدولة على من يصرح بأننا ننفذ مخططا خارجيا ومحاولات للانقلاب على نظام الحكم، مشيرا إلى أن هؤلاء "إما متفقون مع من صرح بذلك أو أنهم عاجزون عن معرفة المعلومات".
ووصف البراك المجلس المقبل "بالتعيس وأنه سيموت سريريا" و"لن نعترف به, وذلك لأنهم يريدون من خلال مجلس الدمى القادم أن ينقحوا الدستور، لكن الشعب لن يسمح بذلك".
وقال البراك "من حقنا استخدام كل أدواتنا السلمية للاعتراض على الصوت الواحد، ولا أدري من سيذهب ويصوت لهؤلاء المرشحين بعد مقاطعة معظم التيارات السياسية والقبائل والعوائل, وسيفضح الشعب الكويتي الحكومة وهذه النماذج من المرشحين في الأول من ديسمبر/كانون الأول".
وكانت الكويت شهدت تظاهرات حاشدة للمعارضة تحولت أحيانا لمصادمات مع قوات الأمن بعد اعتماد الحكومة لمرسوم أميري يتعلق بتعديل قانون الانتخابات وتغيير لآلية التصويت المتبعة منذ انتخابات 2008، بحيث يصبح للناخب حق اختيار نائب واحد بدلا من أربعة.
وتعيش الكويت منذ 2006 سلسلة من الأزمات السياسية المتتالية بسبب الخلافات المستمرة بين المعارضة والسلطة.
وكانت المحكمة الدستورية أصدرت في يونيو/حزيران قرارا أشعل أزمة سياسية كبيرة عندما قضت بحل مجلس الأمة (البرلمان) الذي انتخب في فبراير/شباط وفازت المعارضة بغالبية مقاعده، وأعادت برلمان 2009 الذي غالبية أعضائه من الموالين للحكومة.
غير أن البرلمان المعاد فشل في الانعقاد مرارا لعدم توافر النصاب بسبب مقاطعة نواب المعارضة الذين يعدون هذا البرلمان غير شرعي، بينما قاطع أيضا الجلسات النواب الموالون بسبب رفض الحكومة التعهد بعدم حل البرلمان. وقد حل أمير البلاد صباح الأحمد الصباح هذا البرلمان ودعا لانتخابات جديدة الشهر المقبل ستكون الخامسة منذ يونيو/حزيران 2006.