موضوع: شرح حديث نبوى كن فى الدنيا غريب الثلاثاء نوفمبر 20, 2012 8:18 pm
شرح حديث نبوى كن فى الدنيا غريب
شرح حديث نبوى كن فى الدنيا غريب شرح حديث نبوى كن فى الدنيا غريب شرح حديث نبوى كن فى الدنيا غريب
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبيّ فقال : ( كن في الدنيا كأنك غريب ، أو عابر سبيل ) ، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول : إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء ، وخذ من صحتك لمرضك ، ومن حياتك لموتك رواه البخاري .
الشرح
عندما نتأمل في حقيقة هذه الدنيا ، نعلم أنها لم تكن يوما دار إقامة ، أو موطن استقرار ، ولئن كان ظاهرها يوحي بنضارتها وجمالها ، إلا أن حقيقتها فانية ، ونعيمها زائل ، كالزهرة النضرة التي لا تلبث أن تذبل ويذهب بريقها .
تلك هي الدنيا التي غرّت الناس ، وألهتهم عن آخرتهم ، فاتخذوها وطنا لهم ومحلا لإقامتهم ، لا تصفو فيها سعادة ، ولا تدوم فيها راحة ، ولا يزال الناس في غمرة الدنيا يركضون ، وخلف حطامها يلهثون ، حتى إذا جاء أمر الله انكشف لهم حقيقة زيفها ، وتبين لهم أنهم كانوا يركضون وراء وهم لا حقيقة له ، وصدق الله العظيم إذ يقول : { وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور } ( آل عمران : 185 ) .
وما كان النبي صلى الله عليه وسلم ليترك أصحابه دون أن يبيّن لهم ما ينبغي أن يكون عليه حال المسلم في الدنيا ، ودون أن يحذّرهم من الركون إليها ؛ فهو الرحمة المهداة ، والناصح الأمين ، فكان يتخوّلهم بالموعظة ، ويضرب لهم الأمثال ، ولذلك جاء هذا الحديث العظيم بيانا وحجة ووصية خالدة .
لقد أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بمنكبيّ عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ؛ ليسترعي بذلك انتباهه ، ويجمع إليه فكره ، ويشعره بأهمية ما سيقوله له ، فانسابت تلك الكلمات إلى روحه مباشرة : ( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ) .
وانظر كيف شبّه النبي صلى الله عليه وسلم مُقام المؤمنين في الدنيا بحال الغريب ؛ فإنك لا تجد في الغريب ركونا إلى الأرض التي حل فيها أو أُنسا بأهلها ، ولكنه مستوحش من مقامه ، دائم القلق ، لم يشغل نفسه بدنيا الناس ، بل اكتفى منها بالشيء اليسير .
لقد بيّن الحديث غربة المؤمن في هذه الدنيا ، والتي تقتضي منه التمسّك بالدين ، ولزوم الاستقامة على منهج الله ، حتى وإن فسد الناس ، أو حادوا عن الطريق ؛ فصاحب الاستقامة له هدف يصبو إليه ، وسالك الطريق لا يوهنه عن مواصلة المسير تخاذل الناس ، أو إيثارهم للدعة والراحة ، وهذه هي حقيقة الغربة التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : ( بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ غريبا فطوبى للغرباء ) رواه مسلم .
وإذا كان المسلم سالكاً لطريق الاستقامة ، حرص على قلّة مخالطة من كان قليل الورع ، ضعيف الديانة ، فيسلم بذلك من مساويء الأخلاق الناشئة عن مجالسة بعض الناس كالحسد والغيبة ، وسوء الظن بالآخرين ، وغير ذلك مما جاء النهي عنه ، والتحذير منه .
ولا يُفهم مما سبق أن مخالطة الناس مذمومة بالجملة ، أو أن الأصل هو اعتزال الناس ومجانبتهم ؛ فإن هذا مخالف لأصول الشريعة التي دعت إلى مخالطة الناس وتوثيق العلاقات بينهم ، يقول الله تعالى : { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا } ( الحجرات : 13 ) ، وقد جاء في الحديث الصحيح : ( المسلم إذا كان مخالطا الناس ويصبر على أذاهم خير من المسلم الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم ) رواه الترمذي ، ولنا في رسول الله أسوة حسنة حين كان يخالط الناس ولا يحتجب عنهم .
وإنما الضابط في هذه المسألة : أن يعتزل المرء مجالسة من يضرّه في دينه ، ويشغله عن آخرته ، بخلاف من كانت مجالسته ذكرا لله ، وتذكيرا بالآخرة ، وتوجيها إلى ما ينفع في الدنيا والآخرة .
ولنا عودة مع قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( كأنك غريب ، أو عابر سبيل ) ، ففي هذه العبارة ترقٍّ بحال المؤمن من حال الغريب إلى حال عابر السبيل ، فعابر السبيل : لا يأخذ من الزاد سوى ما يكفيه مؤونة الرحلة ، ويعينه على مواصلة السفر ، لا يقر له قرار ، ولا يشغله شيء عن مواصلة السفر ، حتى يصل إلى أرضه ووطنه .
يقول الإمام داود الطائي رحمه الله : " إنما الليل والنهار مراحل ينزلها الناس مرحلة مرحلة، حتى ينتهي ذلك بهم إلى آخر سفرهم ، فإن استطعت أن تقدم في كل مرحلة زادا لما بين يديها فافعل ؛ فإن انقطاع السفر عما قريب ، والأمر أعجل من ذلك ، فتزود لسفرك ، واقض ما أنت قاض من أمرك " .
وهكذا يكون المؤمن ، مقبلا على ربه بالطاعات ، صارفا جهده ووقته وفكره في رضا الله سبحانه وتعالى ، لا تشغله دنياه عن آخرته ، قد وطّن نفسه على الرحيل ، فاتخذ الدنيا مطيّة إلى الآخرة ، وأعد العدّة للقاء ربه ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من كانت الآخرة همه ، جعل الله غناه في قلبه ، وجمع له شمله ، وأتته الدنيا وهي راغمة ) رواه الترمذي .
ذلك هو المعنى الذي أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يوصله إلى عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ، فكان لهذا التوجيه النبوي أعظم الأثر في نفسه ، ويظهر ذلك جليا في سيرته رضي الله عنه ، فإنه ما كان ليطمئنّ إلى الدنيا أو يركن إليها ، بل إنه كان حريصا على اغتنام الأوقات ، كما نلمس ذلك في وصيّته الخالدة عندما قال رضي الله عنه : " إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء ، وخذ من صحتك لمرضك ، ومن حياتك لموتك
اسلام المغامر
مشرف
عدد المساهمات : 242
نقاط : 329
اإلتقََـِِيِِيِِم : 1
تاريخ التسجيل : 22/11/2012
العمر : 27
الموقع : موقعي بين اعزائي ولاكن اعزائي مشغولين
رسالة
موضوع: رد: شرح حديث نبوى كن فى الدنيا غريب الخميس نوفمبر 22, 2012 9:47 pm
شكرا لك اخي على الشرح
imad max
مشرف
عدد المساهمات : 457
نقاط : 568
اإلتقََـِِيِِيِِم : 0
تاريخ التسجيل : 30/11/2012
العمر : 26
رسالة
موضوع: رد: شرح حديث نبوى كن فى الدنيا غريب الأحد يناير 06, 2013 8:43 pm
بارك الله فيك + جزاك الله خير
الامبراطور
عضو رائع
عدد المساهمات : 452
نقاط : 452
اإلتقََـِِيِِيِِم : 0
تاريخ التسجيل : 29/11/2012
العمر : 33
رسالة
موضوع: رد: شرح حديث نبوى كن فى الدنيا غريب الأحد يناير 06, 2013 10:18 pm
عذوبة رائعة وردود أروع كلمات نسجت بشفافية عالية وبسحر قلم ناطق كنهر فياض اخي العزيز خالد أهنئكَ على هذ الأختيار الموفق الرائع كروعة روحكِ الشفافة النقية أسعدنى كثيرا المكوث فى صفحتكَ دمتَ بكل خير وسعادة لكَ تقديري وأحترامي .
ملك الحصريات
ש عـضـو مـلـكـي ש
عدد المساهمات : 10160
نقاط : 18757
اإلتقََـِِيِِيِِم : 103
تاريخ التسجيل : 11/01/2013
العمر : 44
الموقع : منتديات ميدو
رسالة
موضوع: رد: شرح حديث نبوى كن فى الدنيا غريب الأربعاء يناير 16, 2013 3:39 am
شكرا علي الموضوع بارك الله فيك
همسه
الـمــديـرالـعــام
عدد المساهمات : 3551
نقاط : 5271
اإلتقََـِِيِِيِِم : 11
تاريخ التسجيل : 10/02/2013
رسالة
موضوع: رد: شرح حديث نبوى كن فى الدنيا غريب السبت أبريل 20, 2013 4:25 am
يسسلموو
جزاك الله خيرآ
bstwawy
عضو مميز
عدد المساهمات : 166
نقاط : 218
اإلتقََـِِيِِيِِم : 0
تاريخ التسجيل : 29/01/2013
العمر : 34
رسالة
موضوع: رد: شرح حديث نبوى كن فى الدنيا غريب الأحد يونيو 09, 2013 11:09 am
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية