يستحب شرب الماء على ثلاثة انفاس
يستحب شرب الماء على ثلاثة انفاس يسمي الله في كل نفس ويحمده في آخره قال الغزالي رحمه الله تقول في آخر الأول الحمد لله وفي آخر الثاني الحمد لله رب العالمين وآخر الثالث الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم وإذا كان في أثناء الأكل فينبغي له ترك الشرب إلا أن يغص بلقمة فيشربه للحاجة قال الغزالي في الأحياء إذا صدف عطشه فإنه يستحب له الشرب من جهة الطب قال يقال إنه دباغ إذا صدف عطشه فإنه يستحب له الشرب من جهة الطب قال يقال أنه دباغ المعدة وإذا شرب الماء مصه لقوله صلى الله عليه وسلم: (مَصّوا الماء مصاً وَلا تَعُبوه عباً فإن الكباد من العب) والكُباد بضم الكاف وفتح الباء الموحدة قيل وجع الكبد والمنتهل الشارب وهو الشرب الأول ويستحب عب اللبن لأنه طعام وفي الحديث (إن كان شيء يغني عن الطعام والشراب فهو اللبن) والعرب تجتزي عن الطعام والشراب باللبن.
وَالتَمرُ وَالماءُ قالوا الاسودان هُما ** فاقصِد إلى حِفظِ ما قَد جاءَ في المَثلِ
وَالابيَضانِ فَقالوا التَمرُ مَعَ لَبَن ** فَقَلَبوا واحِداً كَالعَصرِ في الأَصلِ
العرب تقول التمر والماء الاسودان واللبن والتمر الابيضان غلبوا التمر على الماء واللبن على التمر كما غلبوا العصر على الظهر فقالوا العصران للظهر والعصر وكما قالوا لأبي بكر وعمر العمران والليل والنهار العصران قال الشاعر: قال الخطابي في قوله صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه صل العصرين إنهما العصر والصبح قال غلب العصر على الصبح قال وعندي انهما سيما بذلك لأنهما يفعلان في طرفي العصرين وهما الليل والنهار فلا تغلب قال الحموي في [شرح التنبيه] سميت العصر عصرا لأنها تعاصر وقت المغرب وفي هذا نظر لأن وقت العشاء أيضا يمتد إلى وقت الصبح ويظهر أن العصر أنما سميت عصرا لأنها تفعل في آخر النهار وآخر النهار عصارته إذ عصارة الشيء بقية وتسمية الصبح والعصر بالعصرين لأنهما صلاتي العصرين لأن كل واحدة من عصر وليستا من عصر واحد لأن اليوم في اللغة أنما يكون من طلوع الشمس.
أكَلَ التَناهُلُ فيه البَرّ في حَضَرٍ ** وَرِفقُ سَفَراتي في الحَملِ والأَكلِ
أَكلَ الزَهيلُ مَعَ المَفهومِ مَغفِرَةً ** خَلطُ الوَصي بِمالِ الطِفلِ لَم يَبَل
التناهل أن يخلط القوم ازوادهم في السفر أو في الحضر ويأكلون وتسمى المخارجة في الحضر وهو أن يدفع كل إنسان شيئا ويشتروا به طعاما وهو محبوب لقوله تعالى: {فابَعَثوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُم هَذَهِ إِلى المَدينَةِ فَلَيَنظُر أَيُها أَزكَى طَعاماً فَليَأتِكُم بِرزقٍ مِنهُ}الكهف وقال صلى الله عليه وسلم: (اجتمعوا على طعامكم يبارك لكم فيه) وهي للمسافر أيضا مستحبة لأن ينالهم رفق في حمل الزاد وحفظه ولا نظر الحاكون بعضهم أكثر أكلامن بطن لأن هذا متسامح به عادة
وَإِن خُتِمَت بِملحٍ وَابتَدَأَت بِهِ ** كَفيتُ كُلَ دا مِن فِعلٍ مُتَصَلِ
من سورة الخَوفِ وَالإِخلاصِ فَضلُ غَناً ** بَعدَ الطَعامِ وَأمنُ الخائِفِ الوَجَلِ
قال علي رضي الله عنه من ابتدأ غداه بالملح أيضا قال الغزالي وفي قرأة سورة الخوف وسورة الاخلاص بعد الطعام أمانا من ضرره
مِن تُخمَةٍ شَهِدَ اللَهُ العَظيمُ شَفت ** أن تَتلُها قال كَعبٌ حالَةَ الأكلِ
في مختصر حلية الأولياء عن كعب الاحبار رضي الله عنه قال من قرأ شهد الله أنه لا إله إلا الله إلى آخر الآية عند الأكل أمن التخمة من ذلك الطعام.
أبو نَعيمٍ رَوى التَخليلَ في خَبرِ ** عَن سَيدِ الرُسُلِ فالزَم سُنَةَ الرُسُلِ
عَلى مَلائِكَةٍ شَقَت رَوابِجَهُ فانهَض ** وَتُف الَّذي قَد قَر في الخَلَلِ
فَإِن قَلعتَ طَعاماً فاطرحهُ سِوى ** قَلعُ اللِسانِ فَكُل لا كُرهَ في الأكلِ
عَليه نَصُ الإِمامِ الشافِعي فَخُذ ** وَغَسلُ فَمٍ رَوُوا عَن أَهلِ بَيتٍ عَلي
وَلا تَخلُل بِعودٍ قَط مِن قَصبِ ** تَرى تَأكُل فَمَ غَيرِ مُندَمِلِ
وَقَد نَهى عُمرٌ عَن ذاك فاعِلُهُ ** وَوَجهُ المَنعِ لِلأَفاقِ بِالرُسُلِ
روى أبو نعيم في [تاريخ اصبهان]عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تخللوا فإنه نظافة والنظافة تدعوا إلى الإيمان والإيمان مع صاحبه في الجنة).
وقال صلى الله عليه وسلم: (نقوا أفواهكم بالخلال فإنها مسكن الملكين الحافظين الكابتين) وإن مدادهما الريق وقلمهما اللسان وليس شيء أشد عليهما من بقايا الطعام في الفم وإذا قلع بالخلال طعامه استحب طرحه وكره ابتلاعه وإن قلعه بلسانه لم يكره ابتلاعه نص عليه الشافعي رضي الله عنه وذكر الغزالي رحمه الله أن غسل الفم بعد الطعام مستحب رواه في الاحياء عن أهل البيت عليهم السلام وينبغي استحباب ابتلاع ما به لما فيه من أثر الطعام كما يستحب لعِق الاصابع وابتلاع ما يتعلق من الطعام بين الأسنان بلسانه قال الحليمي في [المنهاج] ويكره الخلال بعود القصب لأنه يفسد لحم الانسان وروي أنه عمر رضي الله عنه رأى رجلا بأسنانه تأكل فسأله عنه وذكر أنه تخلل بعود قصب فنهاه عن ذلك وكتب إلى الآفاق ينهانهم عن الخلال بالقصب وفي طب أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم كراهة الخلال بالقصب أيضا وكراهة الخلال بعود الرمان والريحان والسواك بهما لأنهما يثيران عرق الجذام وفيه كراهة الخلال بعود الخوص أيضا.
داوِم عَلى أكلِ وَترٍ مِن الثِمارِ تَرى ** بِهِ الدَو السِحرُ النافِثُ الغُسلِ
قال في الاحياء داوم على أكثل وتر من التمراي وتر كان يكفى شر السحرة ولن يضره سحر من أكل سبع تمرات في أي وقت كان قتلت كل داية في بطنه ومن أكل كل يوم احدى وعشرين زبيبة حمرا لم ير في بدنه داء أبدا
وفي طب أهل بيت النبوة أن النبي صلى الله عليه وسلم: (الزبيب الأحمر يطفىء المزينة بالوصب ويطيب النفس
قال ابن الجوزي في [طبه] الزبيب صديق المعدة والكبد يجيد الذهن وينفع من قد اجتمعت في بطنه اخلاط بلغمية إلا أنه يحرق الدم ودفع ضرره بالخيار
وَخَمسَةٌ قَد رَوُوا تَعجيلَها حَسنٌ ** وَفي سِواها تاني واسعَ في مَهلِ
تَزويجِ كُفؤٍ وَمَيتَ هاكَ ثالِثُها ** دَفعُ الديونِ وَتُب لِلَهِ مِن زُلَلِ
وَالخامِسُ الضَيفُ إِن يَأتِيَكَ في نُزلِ ** فَكُن لَهُ بِالقُرى بِالجِدِ وَالعَجَلِ
ذكر في الإحياء أنه تستحب المبادرة إلى خمسة أشياء تزويج الكفؤ ودفن الميت ودفع الديون والتوبة والضيف يعجل له الطعام وهو القرى بكسر القاف يقال إنها مروية عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى عن إبراهيم: {فَراغَ إلى أَهلِهِ فَجاءِ بِعِجلٍ سَمين}والروغان الذهاب بسرعة قيل ولأَجل عجلته سمي ولد البقرة عجلا.
اِلبَس نَظيفَ ثِيابٍ وَاطرَح دَنَساً ** وَانظُر إِلى خُضرَةٍ في وَجهٍ ذي كُحُلِ
وَاجلِس إِلى كَعبَةٍ تُهدى لِناظِرِها ** حالَ الجُلوسِ ثواباً زاكيَ العَمَلِ
وَجَريَةُ الماءِ وَانظُر في السَماءِ تَرى ** دَفعَ الهُمومِ مَعَ السَوداءِ وَامتَثلِ
وَكُحلِ العَينِ عِندَ النَومِ مِن حَجرٍ ** تَسبِق بِهِ نَظَرَ الزَرقأ وَلا تَحِل
هذه سبعة تقوي البصر نقل في الاحياء عن الشافعي رضي الله عنه أربعة تقوي البصر لبس نظيف الثياب والنظر إلى الخضرة والجلوس مستقبل القبلة والكحل عند النوم من حجر يعني بالاثمد وفي الحديث (عليكم بالاثمد فإنه ينور البصر وينبت الشعر) قال بعضهم اختص الاثمد بهذا لأنه من الجبل الذي تجلا عليه الحق سبحانه وتعالى لموسى فلما وقع عليه نور الحق صار دكا واحترق بنور الحق وصار أسود وصار لما وقع عليه من النور ينور البصر وفي رواية الامام أحمد بن حنبل مرفوعا (عليكم بالاثمد المروح فإنه ينور البصر وينبت الشعر والمروح المطيب) وروى الحافظ أبو نعيم في تاريخ اصبهان عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاثة يجلين البصر: النظر إلى الخضرة والنظر إلى الوجه الحسن والنظر إلى الماء الجاري) قال الغزالي عن القزويني في كتاب [عجايب المخلوقات] في النظر إلى السماء عشر فوايد وذكر من جملتها أن النظر إلى السماء يصرف الهم ويذهب السوداء.
قال الشافعي رضي الله عنه النظر إلى فرج المرأة يضعف البصر وكذا الجلوس مستدبر الكعبة وكذا النظر إلى القاذورات قال وثلاثة تزيد في العقل مجالسة العلماء والصالحين وترك الكلام فيما لا يعنيه قال صلى الله عليه وسلم: (من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه)أي يهمه فلا ينبغي الكلام إلا عند الحاجة إليه وكما أنه لا ينبغي السكوت عند الحاجة كذلك لا ينبغي الكلام عند الحاجة إلى السكوت وقد جمعت الثلاث في بيتين:
ثَلاثَةٌ زادَت العَقلَ التَمامَ فَدَع ** فَضلَ الكَلامِ لَكِن في الناسِ ذا فَضلٍ
وَاجلِس إلى صالِحٍ تَحوي بِهِ زِلَفاً **وَاجلِس إلى عالِمٍ يَدعوكَ لِلعَمَلِ
قد سبق شرحها والله سبحانه أعلم
وَاربَع قوَةَ الأبدانِ فَأتِ بِها ** طَيبٌ وَلَحمٌ وَماءُ عُد لِلغَسلِ بِلا جِماعٍ
مِنَ الكَتانِ رابعُها ثوبٌ عَلى بَدنِ ** جَسدٍ أي غيرَ مُنسَدِلِ
هذه الأربعة منقولة عن الشافعي رضي الله عنه الغسل من غير جماع واستعمال الطيب وأكل اللحم ولبس الكتان على الجسد قوله غير منسدل هو حشو أي غير طويل لأن السنة تقصير الثياب.
كَبيرٌ مُعزٍ حَوى السَوداءِ نورٌ حَوى ** جَلبَ الهٌمومِ مَعًَ النُسيانِ لِلِرجلِ
نقل الحافظ واسمه عمرو بن بحر في كتاب [الحيوان] أن لحم المعز يورث السوداء والنسيان ويجلب الهم للإنسان ويفسد الدم وهذا في كبير المعز وأما الصغير منه فنقل في [الأحياء] عن حكيم أنه رأى شخصا سمينا فقال أرى عليك قطيفة [أي حلة] من نسل أضراسك قال مما هي قال من أكل لباب الخبز والبر وصغار المعز والدهن يدهن البنفسج ولبس الكتان
البَيهَقي رَوى لَحمَ البَقيرِ أذى ** وَالشَحمُ مِنها شِفاءُ الداءِ وَالعُلَلِ
وَالسَمنُ فيه شِفاءٌ وَاعمُد إلى دَربٍ ** فاشرب لَهُ لَبناً وَالبَولُ مِن إِبِلِ
البقير بفتح البالغة في [السنن الكبير] أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (في البقر لحمها داء وشحمها دواء وسمنها شفاء) والدرب بفتح الدال والراء المهملتين ثم بالموحدة في آخرة
جاء في الحديث (أبوال الابل والبانها شفاء من الدرب) والدرب قال بعضهم هو نوع من الاسهال يسبب تخمة أو هيفة فإذا شرب الإنسان أبوال الإِبل وألبانها أخرج المادة التي في البطن فإذا أخرجها انقطع الاسهال وحصل الشفاء
وَواظب الرأسِ بِالتَسريحِ مَعَ ذَقنٍ ** تَكفي البِلا وَتَحوي فٌسحَةَ الأَجلِ
وَبيضُ قُمَلٍ وَطَبوعٍ عِلاجُهُما **دُخانٌ زَنجَفرَهُم بَحرٌ وَلا تَحٍلُ
روى أبو نعيم في [تاريخ أصبهان] أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من سرح لحيته ورأسه كل يوم وليلة عوفي من أنواع البلا وزيد في عمره) وأما بيض القمل هو الصوأن الذي يلتصق وكذلك الطبوع الذي يحصل في الذهن وشعر الجسد ولا يكاد يزال إلا بعسر وبيض القمل هو الصبيان الذي في الشعر والطبوع قمل أحمر وأسود يلصق بالجلد والشعر وعلاجه صعب ومتى تبخر من عليه طبوع بزنجفر ذهب عنه وقد حرب هذا مرارا فصح ذلك وهو الصواب.
بَعضُ الشيوخِ ذكيٌ هَضمُ اللُحومِ أتى ** بِأكلٍ عَظمٌ فَخذٌ عَن نَقلٍ ذي فَضلِ
اِثنانِ قَد أكلا كَبشَينِ وَارتَهَنا ** وَزادَ أعَرفُهُم بِالعَظمِ مِن أَكلِ
فَآكِلُ اللَحمِ وافَتهُ مَنِيتُهُ ** وَآكِلُ العَظمِ أضحَى مخور الأَجَلِ
حكى شيخنا الشيخ ضياء الدين رحمه الله أنه برأ شخصين اترهنا على أكل كبشين وأن أحدهما التزم أن يأكل كبشه بعظمه وكان ذلك للعلم أن أكل العظم يهضم الطعام فأكله بعظمه فعاش وأما الآخر فأكل اللحم وحده فمات
وَالأَكلُ في مَسجِدٍ فانقُل إِباحَتَهُ ** إِن لَم تُلَوِث وَلَم تَأكُل مِنَ البَصَلِ
وَلا مِنَ الثَومِ وَالكُراثِ طَبخُهُما ** أزالَ كُرهاً وَقُم عَن حَشوَةِ الفِجلِ