ترك بعض المباحات خوفًا من الوقوع في المكروهات أو المحرمات:
روى الترمذي وقال: حديث حسن أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به بأس».
قال أبو الدرداء رضي الله عنه: تمام التقوى أن يتقي اللهَ العبدُ حتى يتقيه من مثقال ذرة وحتى يترك ما يرى أنه حلال خشية أن يكون حرامًا.
وقال الحسن رحمه الله: ما زالت التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيرًا من الحلال مخافة الحرام.
وقال الثوري: إنما سمّوا متقين لأنهم اتقوا ما لا يُتقى.
ما لا يُتقى عادة أو ما لا يتقيه أكثر الناس.
وقال بعضهم: إذا كنت لا تحسن تتقي؛ أكلت الربا، وإذا كنت لا تحسن تتقي؛ لقيتك امرأة ولم تغض بصرك، وإذا كنت لا تحسن تتقي؛ وضعت سيفك على عاتقك.
أي تدخل في الفتن بالجهل.
فعمليًّا: علينا أن ندع بعض المباحات أو المشتبهات تورعًا لننال منزلة التقوى.
مثلًا: قد يكون وجودك في بعض الأماكن للتنزه أو التسوق مباحًا، لكن تترك فعله أحيانا حذرا من الوقوع في الخطأ.
قد يكون لبسك لبعض الملابس مباحًا، لكن تترك هذا لا لشيء إلا امتثال السنة ولتحقيق ثمرة التقوى.
فمن ستلبس اليوم الإسدال والخمار، ومن ترتدي العباية والملحفة، ومن ستؤثر النقاب لتنال منزلة التقوى؟
المراقبة:
ووصى النبي صلى الله عليه وسلم معاذًا لما بعثه إلى اليمن فقال: «يا معاذ اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن».
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في حديث: «اتقِ الله حيثما كنت»: ما أعلم وصية أنفع من وصية الله ورسوله لمن عقلها واتبعها قال تعالى: {ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله}.
فلابد من أعمال سر خبيئة بينك وبين الله لتنال منزلة التقوى.
التزام الدعاء بذلك:
والنبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: «اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكّاه أنت وليها ومولاها».
والنبي صلى الله عليه وسلم كان يسألها في دعائه فيقول: «اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى»، وفي دعاء السفر يقول: «اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى».
قهم لا يقترفون الكبائر ولا يصرون على الصغائر، وإذا وقعوا في ذنب سارعوا إلى التوبة منه {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون} سارعوا مباشرة إلى التوبة والإنابة إذا أصابتهم صغيرة، أن لا تستريح حتى تعود إلى الله طالبًا الصفح والمغفرة مما ألمّ به.
العفو والصفح:
قال تعالى: {وأن تعفوا أقرب للتقوى}.
فالمتقون أهل سلامة الصدر، وهم يعفون عن الناس لأنهم يعاملون ربًّا عفوا يحب العفو فهم ربانيون.
تحري الصّدق في الأقوال والأعمال:
قال تعالى: {والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون}، الذي جاء بالصدق هو محمد صلى الله عليه وسلم، والذي صدق به قيل هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
{أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون}، هذا بيان أن المتقي يصدق، ولا يتلونون، ولا يعرفون الكذب في الأقوال ولا الأحوال، بل الصدق شعارهم في كل شيء.
تعظيم شعائر الله:
قال تعالى: {ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب}.
فعظم شأن العبادات، الصلاة على أول وقتها، الصيام صيام جوارح وقلب لا طعام وشراب وشهوة فقط، وهكذا يعظمون شأن العبادة فيرزقهم الله التقوى.
العدل والإنصاف:
قال تعالى: {ولا يجرمنّكم شنآن قوم ٍ على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى}.
فلا يعرفون الظلم، ولا تأخذهم في الله شفاعة شافع أو قرابة قريب، فلا يعرفون إلا العدل في كل شيء، لأنهم يتخلقون بصفة ربهم الذي حرم الظلم على نفسه وجعله بين الناس محرمًا.
رفقة الصالحين أهل الصدق المتقين:
قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين}.
فلابد من صحبة الخير والأخوة الإيمانية ليحقق الإنسان هذه المنزلة ويثبت عليها.
فتعالوا بنا نتعاون على البر والتقوى، قال تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى}.
هلموا عباد الله، فقد دنا الضيف الجليل، ولم نُعد العُدة التي تليق بحسن ضيافته.