قال أبو العتاهية:
إِنَّ الطَبيبَ بِطِبِّهِ وَدَوائِهِ
لا يَستَطيعُ دِفاعَ مَكروهٍ أَتى
ما لِلطَبيبِ يَموتُ بِالداءِ الَّذي
قَد كانَ يُبرِئُ جُرحَهُ فيما مَضى
ذَهَبَ المُداوي وَالمُداوى وَالَّذي
جَلَبَ الدَواءَ وَباعَهُ وَمَنِ اِشتَرى
..............
وقال
نَموتُ وَنُنسى غَيرَ أَنَّ ذُنوبَنا
وَإِن نَحنُ مِتنا لا تَموتُ وَلا تُنسى
.............
وقال
أَلا رُبَّ ذي عَينَينِ لا تَنفَعانِهِ
وَهَل تَنفَعُ العَينانِ مَن قَلبُهُ أَعمى
..............
وقال
سُبحانَ مَن يُعطي بَغَيرِ حِسابِ
مَلِكِ المُلوكِ وَوارِثِ الأَربابِ
وَمُدَبِّرِ الدُنيا وَجاعِلِ لَيلَها
سَكَناً وَمَنزِلِ غَيثِ كُلِّ سَحابِ
يا نَفسُ لا تَتَعَرَّضي لِعَطِيَّةٍ
إِلّا عَطِيَّةَ رَبِّكَ الوَهّابِ
يا نَفسُ هَلّا تَعمَلينَ فَإِنَّنا
في دارِ مُعتَمَلٍ لِدارِ ثَوابِ
..............
وقال
أَلا لِلَّهِ أَنتَ مَتى تَتوبُ
وَقَد صَبَغَت ذَوائِبَكَ الخُطوبُ
كَأَنَّكَ لَستَ تَعلَمُ أَيُّ حَثٍّ
يَحُثُّ بِكَ الشُروقُ وَلا الغُروبُ
أَلَستَ تَراكَ كُلَّ صَباحِ يَومٍ
تُقابِلُ وَجهَ نائِبَةٌ تَنوبُ
لَعَمرُكَ ما تَهُبُّ الريحُ إِلّا
نَعاكَ مُصَرِّحاً ذاكَ الهُبوبُ
إِلا لِلَّهِ أَنتَ فَتىً وَكَهلاً
تَلوحُ عَلى مَفارِقِهِ الذُنوبُ
هُوَ المَوتُ الَّذي لا بُدَّ مِنهُ
فَلا تَلعَب بِكَ الأَمَلُ الكَذوبُ
وَكَيفَ تُريدُ أَن تُدعى حَكيماً
وَأَنتَ لِكُلِّ ما تَهوى رَكوبُ
وَما تَعمى العُيونُ عَنِ الخَطايا
وَلَكِن إِنَّما تَعمى القُلوبُ
وَتُصبِحُ صاحِكاً ظَهراً لِبَطنٍ
وَتَذكُر ما اِجتَرَمتَ فَلا تَذوبُ
أَلَم تَرَ إِنَّما الدُنيا حُطامٌ
تَوَقَّدُ بَينَنا فيها الحُروبُ
إِذا نافَستَ فيهِ كَساكَ ذُلّاً
وَمَسَّكَ في مُطالِبِهِ اللُغوبُ
أَراكَ تَغيبُ ثُمَّ تَأوبُ يَوماً
وَيوشِكُ أَن تَغيبَ وَلا تَأوبُ
أَتَطلُبُ صاحِباً لا عَيبَ فيهِ
وَأَيُّ الناسِ لَيسَ لَهُ عُيوبُ
رَأَيتُ الناسَ صالِحُهُم قَليلٌ
وَهُم وَاللَهُ مَحمودٌ ضُروبُ
وَلَستُ مُسَمِّياً بَشَراً وَهوباً
وَلَكِنَّ الإِلَهَ هُوَ الوَهوبُ
فَحاشَ لِرَبِّنا عَن كُلِّ نَقصٍ
وَحاشَ لِسائِليهِ أَن يَخيبوا
..............
وقال
أَرى صاحِبَ الدُنيا بِها حَيثُما أَمّا
إِذا ازدادَ مالاً زادَهُ مالُهُ غَمّا
..............
وقال
يا واعِظَ الناسِ قَد أَصبَحتَ مُهتَمّاً
إِذ عِبتَ مِنهُم أُموراً أَنتَ تاتيها
كَالمُلبِسِ الثَوبَ مِن عُريٍ وَعَورَتُهُ
لِلناسِ بادِيَةٌ ما إِن يُواريها
وَأَعظَمُ الإِثمِ بَعدَ الشِركِ نَعلَمُهُ
في كُلِّ نَفسٍ عَماها عَن مَساويها
وَشُغلُها بِعُيوبِ الناسِ تُبصِرُها
مِنهُم وَلا تُبصِرُ العَيبَ الَّذي فيها
..............
وقال أيضاً
أَرى الدُنيا لِمَن هِيَ في يَدَيه
عَذاباً كُلَّما كَثُرَت لَدَيهِ
تُهينُ المُكرِمينَ لَها بِصُغرٍ
وَتُكرِمُ كُلَّ مَن هانَت عَلَيهِ