خصص الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين رسالته
الأسبوعية للحديث عن الفتن، حيث حملت عنوان "الفتن تقوى إرادة الأمة"، وأكد
فيها أن الأمة الإسلامية تعيش فى هذه الأيام أحوالاً عصيبة، وامتحانًا
عسيرًا شاقًّا، وفتنًا تكاد تعصف بالأخضر واليابس، ما لم يكن لها من الله
تعالى عاصم.
وأضاف: "نحن على يقين من أن الله عز وجل يحفظ هذه الأمة، لكن مع هذا اليقين
لا بد من يقظة ووعى أبنائها بما يُحاك لها من المؤامرات تلو المؤامرات،
وبما يكيده الأعداء من مكر الليل والنهار".
وأشار بديع ألى أن من سنن الله سبحانه فى خلقه أن ينزل بهم البلاء والفتن،
ليُعلم معادن الرجال، وليظهر المؤمن من المنافق، والصادق من الكاذب،
والطَّيِّب من الخبيث.
واعتبر بديع أن من أهم أسباب الفتن التى تحيط بنا تكمن فى ضعف الإيمان
وضياع العلم، وانتشار الجَّهل، وذيوع الشُّح، وزيادة الأطماع وإعجاب كل ذِى
رأى برأيه، وكثرة الضغائن والأحقاد وأضاف: "كلّها يُفضى بعضها إلى بعض،
لتصل بالأمة إلى التفرُّق والتَّمزُّق المؤدى إلى الصراع والقتل".
وأكد بديع ان خطورة الفتن تتجلَّى فى أنها حين تنزل لا تُميِّز بين من
أَشْعَلها ومن لم يُشْعِلها، ولكنها نارٌ تحرق وتَكْوى الجميع، وشررها
يتطاير فيصيب الناس كافة، كما أنها تُنْزِل الخراب والتدمير فى الدِّيار،
وتُهْلِك الحرث والنسل بحسب تعبيره.
وأشار بديع إلى أن الفتن تطمس القلوب وتجعلها صَلْدَة سوداء مظلمة لا تنبض
بقطرة ماء تمنح الحياة، ولا تنبض بخير ينفع الناس، ولا تعرف رحمة تضفى
منها على من حولها، كما أنها لا تميز بين المعروف والمنكر.
ودعا بديع الى التَّثَبُّت مما يقال، والحذر كل الحذر من الشائعات التى
يُطيِّرها أفراد وجماعات ومؤسسات شغلها الشاغل إطلاق الشائعات ونثرها فى
الفضائيات، لنشر الفتن، وزرع الخلاف، وبثِّ الأحقاد، وإيغارِ الصُّدور،
وتفريق الأمة، وتسعير الحروب بينها فتذهب قوتنا، وتُبدَّد قدراتنا،
ويتحقَّق فينا ما حذرنا منه.
واضاف بديع: "ويزيد من خطورة الشائعات فى عصرنا كثرة الفضائيات التى يجرى
بعضها وراء الأخبار بدون تدقيق، حيث إن الشائعات غالبًا ما تكون مثيرة
للفضول ويتم التكرار حتى يتصوَّر الناس أنها حقائق واقعة".
وأكد بديع أن هذا الذى يجرى فى كثيرٍ من بلاد المسلمين ليس إلا سلسلة من
المكر السيئ، والكيد العظيم، من أكابر المجرمين الذين لا يريدون للأمة
رُقِيًّا ولا نَهْضةً، ويأبون إلا أن تظلَّ الأمة الإسلامية ذليلةً لا
عِزَّة لها، ضعيفةً لا قُوَّةَ لها، تابعةً لا متبوعة، مُوصَى عليها لم
تَصِل إلى الرُّشْد، ولا تقدر على أن تدير أمرها..