أعادت بورصة التوقعات فى مصر أمس الخميس، طرح اسم الدكتور كمال الجنزورى
(80 عاما)، لرئاسة الوزراء، بعد أن كان شغل هذا الموقع مرتين فى السابق،
إحداهما فى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك، والثانية بعد ثورة 25 يناير
2011. وفى هذه الأثناء، دافع رئيس الوزراء الحالى الدكتور هشام قنديل عن
حكومته، مع تصاعد المطالب بإقالته، بسبب التدهور الاقتصادى والانفلات
الأمنى فى البلاد.
وبالتزامن مع لقاءات عقدها قياديون فى جبهة الإنقاذ الوطنى المعارضة وحزب
النور السلفى، تحدثت تقارير محلية فى مصر عن طرح اسم الجنزورى لتولى حكومة
التوافق الوطنى، بينما نفى نادر بكار مساعد رئيس حزب النور لشئون الإعلام،
أن يكون الحزب قد طرح اسم الجنزورى لرئاسة الحكومة الجديدة، بينما رجحت
مصادر مطلعة، تحدثت للشرق الأوسط أمس، عدم إقالة الرئيس محمد مرسى لحكومة
الدكتور قنديل، إلا أن المصادر نفسها تحدثت عن توقعات بإجراء تعديل وزارى
وشيك يشمل عددا من الوزراء.
وعمل الجنزورى، الذى يوصف بأنه "رجل عملى ومدبر ماهر"، مع مبارك فى تسعينات
القرن الماضى، قبل أن يختلف معه ويترك الوزارة، ثم استعان به المجلس
الأعلى للقوات المسلحة فى إدارة الحكومة أثناء الفترة الأخيرة من المرحلة
الانتقالية بعد تخلى مبارك عن سلطاته، التى امتدت من فبراير 2011 وحتى فوز
مرسى بالرئاسة فى صيف 2012.
وقالت المصادر إن الدكتور قنديل سيستمر فى رئاسة الحكومة حتى تجرى انتخابات
مجلس النواب المقبلة، والمقرر إجراؤها الشهر بعد المقبل، موضحة أن الحكومة
الحالية تتعامل مع الأزمات قدر استطاعتها وفى ضوء الموارد المتاحة لها،
لكن توجد مخاوف عميقة من استمرار الانحدار الاقتصادى وتآكل الاحتياطى
النقدى، إضافة إلى الاحتقان السياسى والانفلات الأمنى، وهى أمور يرى
المراقبون أنها تعرقل محاولات فرض الاستقرار.
من جانبه، رفض قنديل الدعوات التى أطلقتها قوى معارضة للرئيس مرسى للمطالبة
بإقالة حكومته وتشكيل حكومة توافق وطنى، قائلا إن "تقديم الاستقالة يعد
نوعا من أنواع الانسحاب الذى لا أقبله".
وقال قنديل، فى مقابلة تلفزيونية مع إحدى القنوات الفضائية الليلة قبل
الماضية، معلقا على المطالبين بإقالته: "إننا نختزل المشهد وحل مشاكل
البلاد فى شخص، معتقدين أنه إذا رحل هذا الشخص تحل المشاكل، وهذا غير
صحيح"، مؤكدا أن الهدف الأساسى لقبوله هذا المنصب هو خدمة البلاد.
وأضاف قنديل أن حكومته ما زالت لديها القدرة على العطاء مع وجود برنامج لها
يتم تنفيذه الآن، مشيراً إلى أن تقديم الاستقالة يعد نوعا من أنواع
الانسحاب الذى لا يقبله، وقال: "أنا فى مهمة، والمهمة لها معنى كبير، فهى
ليست وظيفة.. الاستقالة فى هذا الوقت مع حجم هذه التحديات، ومع وجود برنامج
يتم تنفيذه أعتقد أنها شىء من الانسحاب، كما أن مصر ليست مطمعا فى هذه
الظروف، لذلك نحن كمن يقبض على جمرة فى يديه".
وأوضح قنديل أن لديه أربعة أسباب تجعله لا يفكر فى الاستقالة، قائلا: "لدى
خطة واضحة المعالم نضعها لنا ولمن يأتى بعدنا، ونستطيع أن نعيد إحياء
وتطبيق البرنامج الوطنى الاقتصادى والاجتماعى، وسنقيم انتخابات نزيهة،
وهناك أهداف محددة بعيدة المدى سواء للأمن أو للاستثمار أو للسياحة".
واعتبر قنديل أن "ما يحدث فى الشارع المصرى يرجع لوجود حالة من الغضب لا
يمكن إنكارها"، مشيرا إلى أن ذلك لا ينفى وجود مؤامرات وأطراف خارجية
وداخلية تسعى لإسقاط البلاد. وقال: "إن الهدوء فى المشهد السياسى الذى تمر
به البلاد فى المرحلة الحالية فى غاية الأهمية، والإعلام له دور كبير فى
تهدئة الناس، وعلى الجميع أن يتحمل مسئولياته".
وأوضح قنديل أن "الحكومة لم تفشل، ولكن النتائج ليست على المستوى المطلوب،
وأنا غير راض عن أداء الشرطة، ولست راضيا عن أداء وزارة النقل ولا وزارة
الزراعة.. السقف أعلى من الذى تحقق على الأرض"، وأضاف: "لا يمكن النظر إلى
الملف الأمنى دون النظر إلى الملف الاقتصادى، حينما يظهر تدهور فى الحالة
الاقتصادية تنعكس بالضرورة على الحالة الأمنية، هناك ناس دخلت فى أعمال
البلطجة لم نعهدها من قبل، وهذا نتيجة لتردى أوضاعهم المعيشية".
ورفض قنديل الكشف عن أسباب تغيير اللواء أحمد جمال الدين وزير الداخلية
السابق، مشيرا إلى أن هذا القرار تم اتخاذه بعد حوار ومشاورات مع الرئيس
مرسى، معتبرا أن هناك مؤامرات تحاك ضد مصر من الداخل والخارج، وتسعى لتأجيج
الوضع الداخلى فى مصر، وقال: "كانت هناك إرادة سياسية متوافق عليها لتغيير
وزير الداخلية، وهذا القرار تم بالتوافق مع الرئيس، ولا يمكن الكشف عن
التفاصيل احتراما لهذه المشاورات، وهذا القرار لا يقلل من شأن وزير
الداخلية (السابق) الذى أشكره على جهوده"، وأضاف: "بالتأكيد، هناك مؤامرات
على البلاد وأطراف خارجية وداخلية، ولكن هناك تغيير واضح فى أداء الشرطة،
حيث أصبحت تتعامل مع الأوضاع الأمنية بالقانون، ولكن أتطلع إلى مستوى أداء
أفضل".
وكانت حركات وأحزاب وقوى سياسية مختلفة على رأسها جبهة الإنقاذ الوطنى،
التى يقودها الدكتور محمد البرادعى، نظمت عدة مظاهرات منذ يوم 25 يناير
الماضى، للمطالبة بإقالة حكومة قنديل وتشكيل حكومة توافق وطنى، وإسقاط
الدستور الذى تم إقراره فى استفتاء شعبى فى شهر ديسمبر الماضى، والذى وضعته
جمعية تأسيسية، وقالت المعارضة إن الإسلاميين سيطروا على غالبية أعضائها،
إضافة إلى تقنين وضع جماعة الإخوان المسلمين، التى ينتمى إليها الرئيس
مرسى.