هذا البطل الذى أصاب الفردوس الأعلى ينتمى الى عائلة ذات مكانة سامقة فى خدمة الاسلام .
فأمه : الربيع بنت النصر الصحابية الجليلة .
وعمه :أنس بن النضر الرجل الصادق الذى شم رائحة الجنة وهو حى يرزق .
وابن عمه : أبو حمزة أنس بن مالك خادم الرسول .
كان الفتى الشاب من العارفين بالله - تعالى - حق المعرفة , ومن الموقنين حق اليقين .
انطلق الشاب حارثة بن سراقة - رضى الله عنه - يوما , فرأى النبى
يمشى , فاستقبله , فقال له النبى :
( كيف أصبحت ياحارثة ؟
قال : أصبحث مؤمنا بالله حقا
قال : انظر ماذا تقول ؟ فان لكل قول حقيقة
قال : يارسول الله .......
عزفت نفسى عن الدنيا , فأسهرت ليلى وأظمأت نهارى , وكأنى بعرش ربى - عز وجل - بارزا .
وكأنى أنظر الى أهل الجنة يتزاورون فيها .
وكأنى أنظر الى أهل النار يتعاوون فيها .
قال : الزم , عبد نور الله الايمان فى قلبه
فقال : يارسول الله , ادع الله لى بالشهادة , فدعا له رسول الله .
فنودى يوما فى الخيل , فكان أول فارس ركب , وأول فارس استشهد ,فبلغ ذلك أمه , فجاءت رسول الله
فقالت : يارسول الله , ان يكن فى الجنة لم أبك و لم أحزن , وان يكن فى النار بكيت ما عشت فى دار الدنيا .
قال : يا أم حارثة , انها ليست بجنة واحدة , ولكنها جنان, وان حارثة فى الفردوس الأعلى .
فرجعت أمه وهى تضحك , وتقول : بخ بخ لك ياحارثة .
وكان استشهاد البطل الشاب فى غزوة بدر الكبرى كما روى البخارى عن أنس ابن مالك - رضى الله عنه - قال :
أصيب حارثة يوم بدر , فجاءت أمه الى رسول الله , فقالت :
يارسول الله , قد عرفت منزلة حارثة منى فان يك فى الجنة أصبر وأحتسب .
وان تكن الأخرى , فترة ما أصنع ...
فقال : ويحك أو جنة واحدة هى ؟ انها جنان كثيرة وانه فى جنة الفردوس )
وفى رواية : ((وان ولدك أصاب الفردوس الأعلى ))
وفى هذا تنبيه عظيم على فضل هذا الصحابى - رضى الله عنه - وفضل أهل بدر , فان حارثة - رضى الله عنه - لم يقاتل , وانما كان من النظارة من بعيد ,
وبينما هو ينظر ويشاهد جاءه سهم غرب فنال به الفردوس الأعلى فما بال من قاتل , ودخل ساحة القتل .