من عجائب الثورة المصرية أنه بعد
مرور 25 شهرا على قيامها نجد من يطالبون ببراءة الرئيس السابق ويقولون له:
"وحشتنا يا ريس".. ومن يطالبون بالمقابل بعزل الرئيس المنتخب "محمد مرسى"
ويكيدون المكائد ويضعون العثرات في طريقه.. تارة بتشجيع الاعتداء على مقر
عمله في القصر الرئاسي وقذفه بالمولوتوف واقتحامه، وتارة بتشجيع الجيش على
الانقلاب ضده وعودة حكم العسكر!
من عجائب الثورة أن تمر هذه الشهور الـ25 ولم يصدر
حكم واحد على قتلة الثوار، ولا على المسئول الأول عن هذه الجرائم حسنى
مبارك، باستثناء أحكام تافهة عن اختلاس أموال تهرب من ضرائب أو التورط في
قضية "لوحات السيارات".. وبالمقابل نجد تحالف الفلول وبعض الثوار الذين
فشلوا في الانتخابات، يطالبون بعزل الرئيس المنتخب لأنه لم يحل كل مشاكل
مصر المتراكمة منذ 60 عاما في 250 يوما قضاها في الحكم حتى الآن ولا يجدون
له إيجابية واحدة؟!.
من عجائب الثورة أن نجد قضاة يحكمون ببراءة
المتهمين في موقعة الجمل ويقول البعض إن من العدالة أن يتم الإفراج عن
مبارك أيضا بعدما قضى فترة الحبس الاحتياطي، وكان من المتوقع أن يجرى الحكم
أمس بإنهاء فترة حبسه والإفراج عنه على ذمة القضية، لولا تنحى القاضي
لاستشعاره الحرج بعدما ضغط عليه 30 من المحامين بالحق المدني، منهم المحامي
ممدوح إسماعيل؟!
من عجائب الثورة كذلك أن نجد أن وظيفة القضاء أصبحت
ليست القصاص من قتلة الثوار، ولكن إما محاولة إرجاع (مبارك) للحكم
بتبرئته، وإما محاولة إرجاع بديله (شفيق) عن طريق ادعاء تزوير انتخابات
الرئاسة واعتبار الرئيس محمد مرسى غير شرعي، برغم أنهم يعلمون تماما أن
قرارات اللجنة العليا للانتخابات محصنة قانونا ودستوريا؟
من عجائب الثورة أن نجد أن وظيفة بعض القضاة أصبحت
مخالفة للقانون والدستور، رغم أن وظيفة القضاء هي الحكم بالقانون والدستور
لا من بنات أفكارهم .. بدليل حكم عودة النائب العام السابق الذى كان بروفة
واضحة لهذا، برغم أن السفير البريطاني كشف تواطؤ وتقصير عبد المجيد محمود
في عدم إعادة الأموال المنهوبة لمصر!
من عجائب الثورة أن نرى مقر الرئيس المخلوع (في
المستشفى لا السجن)، مؤمنا بأعلى درجات التأمين من قوات الأمن والقوات
الخاصة، وينعم فيه بالهدوء وراحة البال، ونرى "مبارك" يجلس بصحة جيدة في
المحكمة واثقا من براءته ملوحا لمعجبيه، وصحف تنشر أنباء عن استعداد
العاملين في قصره بشرم الشيخ لعودته بتجميل القصر(!).. بينما المقر الرئاسي
للرئيس المنتخب محمد مرسى يهاجمه الفلول و"الثوار التايوانيون" بالمولوتوف
والحجارة ويكتبون ألفاظا قذرة عليه، كما يهاجمون منزل أسرته في الشرقية
وفى التجمع الخامس الذى يفتقر للتأمين الكافي؟!.
ومن عجائب الثورة أن نجد أحمد شفيق أبرز رموز
الفلول يعلن أنه سيعود لمصر ويقصى مرسى، ويقول إن عودته ستكون مفاجئة ضمن
"خطة" لم يفصح عنها، بينما الكل في مصر يدرك أن عودته –لو تمت– ستكون ضمن
مسلسل معد بإحكام لإجهاض الثورة بدعاوى تزوير انتخابات الرئاسة السابقة
يجرى الإعداد لها على قدم وساق؟!
من عجائب الثورة أن تطالب جبهة الخراب بتنحي الرئيس
المنتخب لأنه قُتل وأصيب في عهده عدد من أنصارهم الذين هاجموا منشآت
الدولة وأحرقوها بالمولوتوف وقطعوا الطرق والمترو والقطارات وألقوا
المولوتوف على القصر الرئاسي، بينما يخرسون عن مسلسل البراءة لجميع رموز
النظام السابق وتأجيل القضاء المتوالي لحسم مصير قتلة الثوار الحقيقيين؟
من عجائب الثورة أن نرى قسما كاملا بالمستشفى
العسكري معطلا ومسخرا لصالح الرئيس السابق الذى بدا في المحاكمة مبتسما
وبصحة جيدة ولا حاجة لبقائه في المستشفى، بينما مرضى كثيرون لا يجدون
معاملة بالمثل!.
التاريخ لن يرحم من تحالفوا مع الفلول.. التاريخ لن
يرحم من تواطئوا على تأجيل إقرار العدالة لصالح الشهداء والمصابين..
التاريخ لن يرحم من غلبوا الهوى السياسي على العدالة.. التاريخ لن يرحم من
ملئوا كروشهم بالمال الحرام ليقولوا كلمة زور فى إعلام الفلول!