علامات المعرفــــة بالله
العلامة الأولى: تعظيم الله سبحانه وتعالى ،، وتعظيم الله يكون بتعظيم أوامره وتعظيم نواهيه ،
قال تعالى {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32] ،، قال أبو علي الدقاق: "من إزدادت معرفته، إزدادت هيبته"
العلامة الثانية: السكيــنة في القلب .. فإن عرفت ربك يسكُن قلبك ويهدأ ويطمئن ويخضع ويتواضع ولا يتمرد ،، فلا تطيق أن تخوض وترفع من صوتك وتعمل أشياء من هذا القبيل وتعاند حتى مع نفسك ..
العلامة الثالثة: محو العلائق .. فليس لعارفٍ علاقة، ولا مُحبٍ شكوى، ولا لعبدٍ دعوى، ولا لخائفٍ قرار
ليس لعارفٍ علاقة ==> أي أن قلبه غير مُتعَلِق بأي شيء، قلبه متعلق بالله فقط ..
ولا مُحبٍ شكوى==> فلا يشتكي مما ابتلاه الله به، فهو يقول بقلبه: إن تعذبني فإني لك محب، إن ترحمني فإني لك محب لماذا لا يشكو؟؛ لأنه يرتدي نظارة الحب، فهو يبتليه، فيقول: لعلي أدخل تحت قول النبي " إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا عسّله" [صحيح الجامع (307)] .. هذه واحدة .. "ومن يرد الله به خيرًا يصب منه" [رواه البخاري] ..
ولا لعبدٍ دعوى==> فلو أني أشعر بمقام العبودية، الذي يقتضي الحب التـام والذل التـام على جهة الإجلال والتعظيم لله سبحانه وتعالى، فلن أدَّعي أن لي حال؟، أو أن لي مقام؟، أو أن لي منزلة؟، ....على ما سأدعي؟ أنا مسكين ..
ولا لخائفٍ قرار==> أى لا يستقر قلبه ويأمن ،فهو يخاف أن لا يُقبل عمله
العلامة الرابعة: التبرأ والتفويض .. قال الواسطي: "من عَرِف الله تعالى انقطع، بل خَرِس، بل انقمع"
من عرف الله انقطع ، فإيــاك أن تنظر إلى عملك، إيــاك أن تقول قد صُمتُ رمضان وقمته .. إيـــاك أن تكون تتحاسب مع الله بعدد الختمات وبعدد الركعات وبعدد الأذكار ومن تسبيحات ومن كذا ومن كذا .. إيـــاك أن تكون تتحاسب هكذا!!
فأنا عندما أعمل الطاعات ... أريد أن يكون هذا العمل خالص لله سبحانه وتعالى، فبعد ذلك أرى عيوبي فيه .. أرى مدى تقصيري من جهة، ومن جهة ثانية أرى بعين المنة وأرى تعظيمي لربي سبحانه وتعالى في قلبي، فأجد أن ما أفعله هذا لا يوازي ولا يكافيء شيء.
كما قال النبي " لا أُحصي ثناءً عليك"، هذه هي (سبحانك ما عبدناك حق عبادتك).
العلامة الخامسة: شدة الخوف .. فالعلم يقتضي الخشية .. {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [ فاطر: 28] .. فتخشى الله في السر والعلن .
العلامة السادسة: من عرف الله ضاقت عليه الدنيا بسعتها .. أي لا يريد أي شيء من الدنيا. سوى إرضاء الله عز وجل
العلامة السابعة: من عَرِف الله صفا له العيش وطابت له الحياة ..
الحيـاة غير الدنيا، الدنيا ضيقة عليه وتعب منها .. لكن هناك حياة في قلبه، هناك رغد عيش يشعر به في وجدانه، يوجد حلاوة إيمان، يوجد لذة منــاجاة، يوجد لذة قرب، فيصفو له العيش مع الله عزَّ وجلَّ ..
العلامة الثامنة: الحيـــــــــــــــــاء ... فالمعرفة الحق هي التي تُوجب الحياء، لذا كان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: ".. استحي من الله استحياءك رجلا من أهلك .." [السلسلة الصحيحة (3559)] .. فتستحي من الذي أسبغ عليك نعمه ظاهرة وباطنة؟! ..
العلامة التاسعة: تتبدى عليه أنوار الصفات .. اي تظهر عليه صفات الله عز وجل ، فيتحلى بها ويتصف .. فتصير عبداً ربانيا ، {كُونُوا رَبَّانِيِّينَ} [ آل عمران: 79] فمثلا معرفتك باسم الله الحليم لكي تتصف بهذه الصفة فمن الآن فصاعدا سترد مساويء الناس بالإحسان؟ ..
العلامة العاشرة: جَمِع الشمل والهمَّ .. أى تجمع لله كل ما يشملك في دنياك ، فترى الله الفاعل لكل شيء .. فلا تنشغل بغير الله ، فلا حافظاً لك غيره ...
العلامة الحادية عشر: المبادرة للطاعات ..
فالعارف بالله دوماً فى طاعات ,, يسعى إليها بنفسه .. لا ينتظر مَن يُذكره بها .. وهو يؤديها يكن فرحاً محباً ..
العلامة الثانية عشر: لذة التعبد .. العارف تبكي عينه ويضحك قلبه، هو يبكي ولكن يذيقه الله عزَّ وجلَّ لذة في قلبه في حال بكاء عينه .. فهو من داخله فى قلبه سكينة وأمان وإحساس وتقرب ومعاني لا توصف.
العلامة الثلاثة عشر: دوام الثناء ودوام المحاسبة ..
يقول يحيى بن معاذ : يخرج العارف من الدنيا ولا يقضي وطره من شيئين، بكائه على نفسه، وثنائه على ربِّه.
فدائمًا لديه أمرين .. دوام الثناء على الله عزَّ وجلَّ، وتجده دائمًا لاهجًا بالحمد ... فليس مشغولاً إلا بمقام الحمد، فيثني على ربِّه ويبكى على نفسه.
العلامة الرابعة عشر: التخلص من حظ النفس ..
قال أبو يزيد: إنما نالوا المعرفة بتضييع ما لهم والوقوف مع ما له.
له ( أى لله عز وجل ) ولك ( أي حظ نفسك ) .. هذه هي القضية كلها، أنا أريد أن أنام وهو يريد ماذا؟ هو يريد القيام، فضيَّعت ما لي ( لذة النوم ) ووقفت عند ما له، بعبارة أخرى، أن تكون على مراده منك، لا على مرادك منه.
ماذا تريد منه؟ تريد رغد العيش، أنت ما ينقصك؟ ينقصك زوجة، ينقصك بيت، ينقصك عمل جيد، ينقصك استقرار، ينقصك أمان للمستقبل وتأمين أحوال الأولاد في مستقبلهم ..كما تريد، ماذا ينقصك؟ هذا ما تريده فمشغول به.
وهو يريد منك:: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ ..} [ النساء: 27]
رأيت المعنى؟، فأنت على مراد مَن؟ .. على مرادك؟ أم على مراده؟
إذا ضيعت ما لك ( من حظ نفسك ) ووقفت عند ما له ( لله عز وجل ) ، تم لك الأمر.
آخر هذه العلامات: الأنس والوحشة ..قال ذو نون: لكل شيء عقوبة، وعقوبة العارف انقطاعه عن الذكر، فالعارف يأنس بالذكر ويستوحش من الخلق ويفتقر إلى الله فيغنيه عن الخلق، ويذل لله فيعزه في الخلق.