نسبه:
هو الإمام أبو الحسن مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري نسبا
النيسابوري وطنا، قال ابن الأثير في اللباب في تهذيب الأنساب: القشيري بضم
القاف وفتح الشين وسكون الياء تحتها نقطتان وفي آخرها راء، هذه النسبة إلى
قشير بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة قبيلة كبيرة ينسب إليها كثير من
العلماء فذكر جماعة من هؤلاء ومنهم الإمام مسلم، ونسبة الإمام مسلم هذه
نسبة أصل بخلاف الإمام البخاري فإن نسبته إلى الجعفيين نسبة ولاء ولهذا لما
ذكر الإمام أبو عمر بن الصلاح في كتابه علوم الحديث أن أول من ألف في
الصحيح الإمام البخاري ثم الإمام مسلم قال: "أول من صنف الصحيح البخاري أبو
عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي مولاهم وتلاه أبو الحسين مسلم بن الحجاج
النيسابوري القشيري من أنفسهم".
ا
ولادته:
ولد الإمام
مسلم سنة أربع ومائتين كما في خلاصة تهذيب الكمال للخزرجي وتهذيب التهذيب
وتقريبه للحافظ ابن حجر العسقلاني، وكذا في البداية والنهاية لابن كثير،
قال بعد أن ذكر وفاته سنة إحدى وستين ومائتين: وكان مولده في السنة التي
توفي فيها الشافعي وهي سنة أبع ومائتين فكان عمره سبعا وخمسين سنة رحمه
الله تعالى،
بدأ سماع الحديث سنة ثماني عشرة ومائتين كما في تذكرة
الحفاظ للذهبي، وقد رحل لطلبه إلى العراق والحجاز والشام ومصر، وروى عن
جماعة كثيرين أذكر فيما يلي عشرة من الذين أكثر من السماع منهم والرواية
عنهم في صحيحه مع بيان عدد ما رواه عن كل منهم كما نقل ذلك الحافظ ابن حجر
في تراجمهم في كتابه تهذيب التهذيب:
1- أبو بكر ابن أبي شيبة: 1540
حديثا.
2- أبو خيثمة زهير بن حرب: 1281 حديثا.
3- محمد بن
المثني الملقب الزمن: 772 حديثا.
4- قتيبة بن سعيد: 668 حديثا.
5-
محمد بن عبد الله بن نمير: 573 حديثا.
6- أبو كريب محمد بن العلاء
ابن كريب: 556 حديثا.
7- محمد بن بشار الملقب بندارا: 460 حديثا.
8- محمد بن رافع النيسابوري: 362 حديثا.
9- محمد بن حاتم
الملقب السمين: 300 حديثا.
10- علي بن حجر السعدي: 188 حديثا.
وهؤلاء
العشرة من شيوخ مسلم روى البخاري في صحيحه مباشرة عن تسعة منهم فهم جميعا
من شيوخ الشيخين معا إلا محمد بن حاتم فلم يرو عنه البخاري في صحيحه لا
بواسطة ولا بغيرها، وقد قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح في كتابه علوم
الحديث: ومسلم مع أنه أخذ عن البخاري واستفاد منه فإنه يشارك البخاري في
كثير من شيوخه.
مؤلفاته:
قال النووي في تهذيب الأسماء
واللغات: "وصنَّف مسلم رحمه الله كتبا كثيرة.
1- منها هذا الكتاب
الصحيح الذي مَنَّ الله الكريم -وله الحمد والنعمة والفضل والمنة- به على
المسلمين أبقى لمسلم به ذكرا جميلا وثناء حسنا إلى يوم الدين مع ما أعد له
من الأجر الجزيل في دار القرار وعم نفعه المسلمين قاطبة.
2- ومنها
الكتاب المسند الكبير على أسماء الرجال.
3- وكتاب الجامع الكبير على
الأبواب.
4- وكتاب العلل.
5- وكتاب أوهام المحدثين.
6-
وكتاب التمييز.
7- وكتاب من ليس له إلا راو واحد.
8- وكتاب
طبقات التابعين.
9- وكتاب المخضرمين. وغير ذلك". انتهى.
وذكر
الحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ نقلا عن الحاكم عشرين مؤلفا لمسلم هي
بالإضافة إلى ما تقدم:
10- كتاب الأسماء والكنى.
11- كتاب
الأفراد.
12- كتاب الأقران.
13- كتاب سؤالات أحمد بن حنبل.
14- كتاب حديث عمرو بن شعيب.
15- كتاب الانتفاع بأهب السباع.
16- كتاب مشايخ مالك.
17- كتاب مشائخ الثوري.
18-
كتاب مشائخ شعبة.
19- كتاب أولاد الصحابة.
20- كتاب أفراد
الشاميين.
منزلته بين كتب السنة:
صحيح مسلم يأتي في
الدرجة الثانية بعد صحيح البخاري فهو ثاني كتابين هما أصح الكتب بعد كتاب
الله تعالى. قال النووي في مقدمة شرحه لصحيح مسلم: "
وأصح مصنف في
الحديث بل في العلم مطلقا الصحيحان للإمامين القدوتين أبي عبد الله محمد بن
إسماعيل البخاري وأبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري رضي الله عنهما، فلم
يوجد لهما نظير في المؤلفات". وقال أيضا: "اتفق العلماء رحمهم الله على أن
أصح الكتب بعد القرآن العزيز الصحيحان البخاري ومسلم، وتلقتهما الأمة
بالقبول، وكتاب البخاري أصحهما وأكثرهما فوائد ومعارف ظاهرة وغامضة".
انتهى.
هذه هي منزلة صحيح مسلم بين كتب السنة فهو في أعلى درجات
الصحيح لا يتقدمه في ذلك سوى صحيح البخاري، ونقل عن أبي علي النيسابوري شيخ
الحاكم قوله: "ما تحت أديم السماء كتاب أصح من كتاب مسلم بن الحجاج.." وقد
يفهم من هذه العبارة تقديمه على صحيح البخاري وذلك خلاف ما صرح به العلماء
من ترجيح صحيح البخاري عليه لتوفر أسباب الترجيح فيه وقد أجيب عن هذه
العبارة بثلاثة أجوبة:
الأول:
للحافظ الذهبي في تذكرة
الحفاظ قال بعد ذكر عبارة أبي علي النيسابوري هذه: "قلت: لعل أبا علي ما
وصل إليه صحيح البخاري" واستبعد هذا الحافظ بن حجر في مقدمة فتح الباري
الثاني:
لجماعة منهم أبو عمرو بن الصلاح في كتابه علوم الحديث أن ذلك محمول
على سرد الصحيح فيه دون أن يمزج بمثل ما في صحيح البخاري مما ليس على
شرطه، ولا يحمل على الأصحية.
الثالث:
للحافظ ابن احجر في
شرحه لنخبة الفكر وحاصله أن عبارة أبي علي هذه تقتضي أن صحيح مسلم في أعلى
درجات الصحيح وأنه لا يفوقه كتاب، أما أن يساويه كتاب كصحيح البخاري فذلك
لا تنفيه هذه العبارة.
والحاصل أن صحيح مسلم في قمة الصحيح بعد صحيح
البخاري كما صرح بذلك أهل العلم ولم يفصح أحد بترجيح صحيح مسلم على صحيح
البخاري فيما يتعلق بالصحة.
وفاته ومدة عمره:
توفي
الإمام مسلم رحمه الله عشية يوم الأحد ودفن يوم الاثنين لخمس بقين من رجب
سنة إحدى وستين ومائتين. دفن بنصر أباد ظاهر نيسابور، ومدة عمره قيل خمس
وخمسون سنة وقيل سبعون وخمسون رحمه الله.