مرض السكرى مرض لا يتوقف تأثيره السلبى عند عضو معين أو عند جهاز محدد بل
إن تأثيره المرضى فى حالة عدم التحكم فى مستوى السكر فى الدم يمتد إلى جميع
أعضاء الجسم بلا استثناء وبلا انتقاء، فيشمل القلب وقدرته والكبد
وفعاليته، ناهيك عن البصر الذى قد يضعفه والعظم الذى قد يوهنه، إضافة إلى
الجلد الذى قد يفقده نضارته والكلى التى قد تقل بسببه فعاليتها، كما أننا
لو تحدثنا عن علاقة مرض السكرى بأمراض القلب لوجدنا أن مرض السكرى لا يقتصر
تأثيره على القلب فقط أو على الشرايين فقط، بل إن تأثيره يصل إلى الجهاز
الدورى بأكمله.
ويوضح دكتور جمال شعبان أستاذ القلب بالمعهد القومى للقلب بعض التأثيرات
السلبية لهذا المرض الذى اتسع انتشاره بشكل كبير فى الآونة الأخيرة بين
مواطنينا فى الخليج العربى خاصة وفى العالم العربى عامة.منها:
- ارتفاع ضغط الدم الشريانى والسكرى:
إن ارتفاع ضغط الدم عند مرضى السكرى من علامات تأثر الكلية بهذا المرض
عاكساً بذلك عدم مقدرة الكلى على القيام بوظائفها، وذلك أن مرض السكرى يؤثر
على وحدات التنقية بالكلية ويزيد من تدهورها والذى يؤدى بدوره إلى زيادة
ضغط الدم الذى يؤثر على الكلى، وهذا يعنى أن هناك دائرة مغلقة متبادلة لا
تكسر إلا بالتحكم الدقيق بمستوى السكر فى الدم وكذلك المراقبة الدقيقة لضغط
الدم،
وينصح دوما بألا يزيد ضغط الدم الانبساطى عن 80 ملم زئبقى ولا يزيد ضغط
الدم الانقباضى عن 120 ملم زئبقى، وهنا يجب التنويه أن بعض العلاجات
الخافضة للضغط قد تكون مصاحبة لبعض المشكلات الصحية خاصة عند مرضى السكرى،
فمثلاً مدرات البول قد تعمل على ارتفاع مستوى السكر بالدم وتجعل التحكم به
صعباً نوعا ما، كما أن مثبطات بيتا ربما تؤدى إلى انخفاض السكر فى الدم،
وذلك عن طريق منع تصنيع السكر عند الحاجة إليه، وكذلك بعض المدرات ومثبطات
بيتا قد يرفعان من نسبة الدهون فى الدم، لذا كانت مراجعة الطبيب المعالج من
أهم طرق الوقاية من المضاعفات وأيضا من مضاعفات العلاج.
- تصلب الشرايين الدموية والسكر:
يعتبر مريض السكر أكثر عرضة للإصابة بتصلب الشرايين من الأشخاص الطبيعيين،
ٍويرجع ذلك لأسباب عديدة منها ارتفاع ضغط الدم مما يؤدى إلى زيادة نسبة
حدوث أمراض الشرايين التاجية، ووجود عوامل الخطورة الأخرى مثل التدخين
والسمنة وقلة الحركة وعدم ممارسة الرياضة، بالإضافة إلى ارتفاع مستوى
الفيبرينوجين وعوامل التجلط الأخرى فى الدم وأيضا ارتفاع نسبة الدهون وخاصة
الكوليسترول التى تقوم بدور هام فى تلف الأنسجة المبطنة لشرايين الدم.
الذبحة الصدرية الصامتة والسكر:
تحدث الذبحة الصدرية فى بعض مرضى السكر بدون شعور بالألم فى منطقة منتصف
الصدر وسبب هذه الظاهرة قد يكون غير واضح تماماً ولكن قد يربطها بعض
العلماء لاحتمال وجود أعصاب تالفة بسبب مرض السكر والتى لا يمكنها نقل
إشارات الألم من القلب إلى الجهاز العصبى. وقد أثبتت بعض الدراسات العلمية
أن مرض السكر قد يؤدى إلى تلف أعصاب القلب التى تقوم بتنظيم حركته وخاصة فى
مرضى السكر الذين ظهرت عليهم علامات تلف الأعصاب الطرفية فى الرجلين
واليدين. وتلف أعصاب القلب قد يؤدى إلى اضطراب نبضات القلب وكذلك ضعف حركة
عضلة القلب ونقص كمية الدم المندفعة للجسم.
اعتلال عضلة القلب والسكر
تتأثر عضلة القلب بمرض السكر فهى معرضة للتلف والفشل الوظيفى لأسباب عدة
منها ارتفاع نسبة السكر فى الدم، مما قد يؤدى إلى تلف الشرايين الدقيقة
والتعرض لارتفاع ضغط الدم وكذلك التعرض للإصابة بتصلب الشرايين القلبية
واحتمال وجود مواد متراكمة بين ألياف عضلة القلب مما قد تضعف من كفاءتها.
شرايين شبكية العين والسكر:
يؤثر مرض السكر على العين بأكملها بما فى ذلك شبكية العين وأوعيتها فهو
يؤدى إلى عتامة العدسة ويعرف ذلك بالماء الأبيض وزيادة الضغط بالعين، ويعرف
ذلك بالجلاكوما وزيادة نمو الأوعية الدموية الدقيقة فى قاع العين مؤديا
إلى ترسبات وترشحات دموية فيها. وقد يؤدى ذلك إلى ضعف البصر أو فقدانه لا
سمح الله.
الأوعية الفرعية والسكر:
وقد يؤثر مرض السكر على الأوعية الفرعية وليس فقط الأوعية الرئيسية فإذا
أصاب التصلب شرايين القدمين مثلا فإنها تضيق وتنخفض كمية الدم المتجهة
إليها، ويؤدى ذلك إلى ألم فى عضلات الساق أثناء السير وقد يزول بالوقوف أو
الراحة وقد يؤدى فى نهاية المطاف إلى الإصابة بما يعرف بالغرغارينا والذى
قد يؤدى لا سمح الله إلى الحاجة إلى بترها أو بتر جزء منها.
إن هذه التأثيرات السلبية لمرض السكر يمكن تفاديها وذلك بتغيير نمط الحياة
واتباع التعليمات والإرشادات الصحية اللازمة والمداومة على زيارة الطبيب
والتحكم فى مستوى السكر فى الدم والمحافظة على ضغط دم مقبول واتباع الحمية
الغذائية والالتزام بالتمرين الرياضى ولا يكون ذلك إلا بالعزيمة والإرادة
الدائمة.
الاكتشاف المبكر للكولسترول يحمى من أمراض القلب فيسعى اختصاصيو أمراض
القلب عالمياً إلى علاج داء ارتفاع نسبة الكوليسترول فى الدم عبر استخدام
أساليب الكشف المبكر.
وتبدو الإصابة بذبحة قلبية عند عمر الثلاثين بعيدة عن الواقع, لكن شخصاً من
خمسمائة يعانى ارتفاع مستوى الكوليستيرول معرّض للذبحة وهو فى ربيع عمره،
لأنه ورث الداء عن أهله.