بدأ نظام الحياة يستكمل حينما تهيأت حواء لتستقبل أولادها, أول زهر تفتح في رياض الانسانية
, وبهم تأنس وتسعد حواء مع زوجها آدم, فقد كان آدم حفيا بأبنائه, وحواء مستبشرة بقدومهم
رغم كل ما قاست من أهوال وآلام, الا أنها لا تلبث حتى تنتشي برخاء العطف والحنان, فاذا هي
قريرة العين باردة الفؤاد
وضعت حاء توأمين, قابل وأخته, وهابل وأخته, وشب الاخوة في رعاية الأبوين, حتى ملأتهم نظارة
الحياة, وقوة الشباب, فنزعت البنتان الى منازع النساء, وانبعث الولدان يضربان في الأرض كسبا
للرزق, فكان قابل من زراع الأرض, وكان أخوه من رعاة الأغنام
وعلى امتداد الزمن مال كل منهما الى أن تكون له زوجة ليسكن اليها,فأوحى الله الى أبي
البشرية أن يزوج كل فتى من فتيته بتوأم أخيهو وقد كان الجمال الخلقي-وما زال- ريحا هوجاء
تتقاذف النفس البشرية, وقد توردها موارد الحتف والهلاك , فجمح أحدهما عن طاعة أبيه
هبت على الأب رياح عاصفة ,, وتوزعت نفسه بن رغبة ابنه, والبقاء على السلام بينهما الى أن
هداه الله الى مخرج يسد به مهب الرياح فطلب منهما أن يقربا قربانا الى الله فأيهما تقبل قربانه
كان أحق بما يشتهي, فقدم هابيل جملا, وقدم قابيل قمحا, وكل منهما يترقرق في صدره فيض
الأمل, فتقبل قربان هابيل, ورفض قربان قابيل فتوعد أخاه بالقتل, ولكن هابيل قابله بالحنو والعطف
عسى أن يهديء من ثورة ذلك البركان الثائر
وفي ساعة من ساعات الفلك الدائر وقعت الواقعة,, فراح هابيل قتيلا بيد أخيه فريسة الحمق
والجهالة والغرام
ذوى عود الأخ النظير, وانطفأ مصباحه, فاستوحش آدم , وراح يتفقد ابنه هابلييل فسأل قابيل عن
أخيه فرد ردا موجعا لأبيه, ولكن آدم عرف بعد أن ابنه قد قتل فسكت على هم وكبت في نفسه
الشعلة التي هاجت حزنا على فقيده
وقد كان هابيل أول من قتل على ظهر الأرض, وما عرف قابيل كيف يواري جثة أخيه فحمله في
جراب على ظهره وظل مضطربا حائرا قلق النفس ملتاع الفؤاد حتى بعث الله غرابين فاقتتلا, فقتل
أحدهما صاحبه, ثم حفر له بمنقاره حفرة ووارى جثته تحت التراب , وهنا تلقى قابيل درسا من
استاذه الغراب فتضاءل فهمه أمام حنكة ذلك الحيوان الأسود الضعيف فوارى أخاه التراب مثل الغراب.