"منه لله أبويه دمرنى وأجبرنى أن أطلق مراتى بعد 12 سنة جواز، وكان بيعيرنى
عشان مش بخلّف، وقال لى لازم تسيب البيت، وحرض أخويا على، وطلب منه يقتلنى
لما رفضت أسيب البيت، وتوسلت لأخويا، لكنه رفض وحاول يقتلنى فقتلته، خلى
أبويا بقى يفرح مات له واحد والتانى دخل السجن.." هكذا لخص المتهم بقتل
شقيقه كواليس ارتكابه للجريمة.
وأضاف المتهم "عاطف.ع.س" قصير القامة نحيف الجسد، لـ"اليوم السابع" وجدت
نفسى أكبر أشقائى الثلاثة داخل منزلنا بمدينة طما فى شمال سوهاج، وكان
والدى يتردد على السعودية بصفة مستمرة للعمل هناك حتى يعود إلينا بالأموال،
وقال لى يا"عاطف أخواتك فى رقبتك خالى بالك منهم، فتولت تربيتهم برفقة
أمى، حيث كان والدى يغيب سنوات طويلة فى السعودية، لدرجة أن أصغر أشقائى
كان يقول لى "يا بابا".
بصوت المنخفض استكمل المتهم حديثه، قائلا: كنت أعمل فى إحدى الشركات، وأحصل
على راتب "كويس" كل آخر شهر أعطيه بالكامل لأمى حتى تضمه على الأموال التى
يرسلها والدى، وتنفق بها على المنزل، وكنت قد أعجبت بابنة عمى، ونشأت
بيننا قصة حب ووعدتها بالزواج، إلا أننى تأخرت فى تنفيذ وعودى لها بسبب
اهتمام بأشقائى الصغار فى ظل غياب والدى عن المنزل، ومن ثم أجلت مشروع
الزواج ولم أعرف سوى التعب والعمل، بينما بقيت الأفراح مؤجلة".
يتوقف عن الكلام دقيقة ويلتقط أنفاسه، ويقول عادل والدى من السعودية سالما،
ووجدنى أحسنت تربية أشقائى، وطلبت منه أن أتزوج بعدما أكد لى أنه سيستقر
فى البلد، وبالفعل وافق على مشروع الزواج، وتزوجت ابنة عمى التى انتظرتنى
كثيرا، ولم تبالى بـ"العرسان" الذين كانوا يتقدمون للزواج منها.
مكثت برفقة ابنة عمى قرابة الـ12 سنة ـ المتهم يواصل كلامه ـ ولم ننجب خلال
هذه السنوات، وكان والدى كثير الإلحاح على أن أتزوج عليها، لكننى رفضت أن
أهين كرامة زوجتى التى انتظرتنى، وكانت تخاف على من "الهوا اللى طاير"
واعتبرتها زوجتى وابنتى فى نفس الوقت، مما أغضب والدى.
ضعفت أمام ضغوط والدى، وانتهى الأمر بأننى طلقت زوجتى، ولم أنس طوال عمرى
دموعها، والتى كادت أن تمزق قلبى حزنا على زوجة أخلصت لزوجها طوال 12 سنة،
لكن تحكم الأب حطم هذا المنزل السعيد، وقضى عليه، وفوجئت به بعد الطلاق
بأيام يتفق مع أحد الجيران للزواج من ابنته، إلا أنها لم تنجب أيضا،
وأجبرنى أن أطلقها أيضا وتزوجت بهذه الطريقة 4 مرات بحثا عن الأطفال دون
جدوى.
وتابع المتهم: كنت أتمنى ألا أنجب حيث إننى أخشى على ابنى أن يذوق العذاب
الذى تجرعته على يد والدى، حيث كنت أتمنى أن أموت كل لحظة، فكان يعايرنى
بعدم الإنجاب وفضل أشقائى عنى، وطردنى من المنزل أكثر من 10 مرات بالرغم من
توسلات أمى التى كانت تتطالبه أن يحسن معاملتى، الا أنه كان يعاملنى
بغلاظة قلب، ومع ذلك كنت أقبل يديه وقدميه حتى يرضا عنى.
وأضاف المتهم: سافرت إلى ليبيا بعدما تركت العمل بالشركة إلا أن الظروف
الأمنية فى ليبيا حالت دون أن أكمل العمل بها، فعدت إلى بلدى مرة أخرى وكان
والدى ينادينى بكلمة "يا فاشل" وفوجئت به يصر أن أترك الشقة أو أدفع 300
جنيه إيجار له، فتوسلت إليه أن يمهلنى أياما حتى أجمع المبلغ لكنه رفض
وأقسم أن أترك الشقة قبل أن يطلع فجر اليوم التالى.
وعن يوم الحادث، قال المتهم: كنت أجلس مع زوجتى ليلا نتجاذب أطراف الحديث
عن حالنا ونفكر فى مخرج، وفوجئت بإطلاق رصاص بكثافة أمام باب الشقة، وصرخت
من الداخل واستنجدت بأشقائى، وتبين أن الذى يطلق الرصاص شقيقى "حسن"
وبجواره والدى يقول له "اكسر الشقة وادخل اقتله دا مش معاه عيال تاخد تاره"
وظلت زوجتى تصرخ وأنا أتوسل إلى والدى أن يمهلنا ساعة حتى نخرج من الشقة،
لكنه رفض وأصر على اقتحامها، وعندما جن جنونى أخذت فرد خرطوش من "الدولاب"
وأطلقت منه رصاصة استقرت فى جسد شقيقى "حسن" فسقط غارقا فى دمائه، وجرى
خلفى والدى بالسلاح وهو يردد "قتلت أخوك يابن الـ... والله لأقتلك" إلا
أننى تمكنت من الهرب وذهبت إلى مركز الشرطة وسلمت نفسى.
وقال المتهم :لا تحاكمونى وإنما حاكموا والدى الذى حول حياتنا إلى جحيم
وجعل الأخ يقتل شقيقه، فخسر الاثنين معا، وبقيت الشقة خالية دون أن يسكنها
أحد، تلطخها دماء أخى، ومن ثم أصلى كل يوم داخل محبسى، وادعوا الله أن
ينتقم من والدى، بينما دموعى لا تتوقف على شقيقى الذى كثيرا ما حملته على
كتفى، وكنت أحلم أن أراه عريسا، وأزفه إلى عروسه، لكن أبى كان له رأى أخر.
وكان العقيد جمال هندى نائب مأمور مركز شرطة طما تلقى بلاغا من الأهالى
بمقتل مواطن، فانتقل المقدم محمد سليمان رئيس المباحث بإشراف العميدان عبد
الفتاح الشحات رئيس فرع البحث بشمال سوهاج، ومحمد رشاد مأمور المركز، وتبين
أن وراء ارتكاب الواقعة شقيق القتيل "عاطف.ع" فتم القبض عليه، واعترف أمام
اللواء محسن الجندى مساعد وزير الداخلية مدير أمن سوهاج بارتكابه للواقعة،
فأحاله للنيابة التى قررت حبسه 4 أيام على ذمة التحقيقات.